You are currently browsing the category archive for the ‘قيم’ category.

ما بال البعض يضع نفسه تحت مكبّر بحثاً عن أيّ نقائص لتصحيحها وسعياً وراء الكمال أويضع غيره تحت المكبّر لكشف النقائص أو المستور لاعتقاده الجازم بأن ما يبدو صورة مشرقة لشخص ما لا يعدو كونه أكثر من مسخ يختبئ خلف صورة ملمّعة منمّقة مرسومة بعناية شديدة؟! يسير على هذه الخطى بسرعة قياسية ويثب وثبات واسعة كمن يسابق الزمان والمكان معتقدا في كل يوم أنه اقترب من الحقيقة ليتعجب في نهاية المطاف أن ما توصل إليه كان نتيجة طبيعية للأسلوب الذي استخدمه، فمن الطبيعي أن يجد أن النقيصة التي كانت بحجم خلية لا ترى بالعين المجرّدة أصبحت وحشاً ضخماً لا يدرك حجمه ولا قوة سيطرته على عقله وفكره إذ أن حجم النقيصة يكبر عند المدرك كلما زاد مستوى التكبير الذي يستخدمه للنقائص والعيوب باضطراد وإذا عجز عن توقيف التكبير عند المستوى المناسب أو عند نقطة العتبة فإن الرؤية الجديدة في أقصى حالات التكبير ستعيقه عن رؤية أي شيء آخر سوى النقائص وقد تعميه وتضلّله عن رؤية أو كشف حقائق مهمة لن يكشفها مادام يستخدم عدسةً مكبّرة أو يضع نفسه أو غيره تحت عدسة مجهر.ة

تذكر:ت

أن النظر من زاوية واحدة ضيّقة وبدون أخذ البيئة والأنظمة المحيطة بعين الاعتبار قد ينتج عنه نظرة يعتريها القصور الشديد،د د

أن العقول الراجحة والتي تهدف إلى كشف الحقائق تتصرف بطريقة أخلاقية ولا تستعمل أسلوب التشكيك في حقيقة وأخلاق شخص ما،ا ا

حتى أنقى أشكال الحياة يوجد بها عوامل ملوثة أو ممرضة وأن هذه الأنظمة الوجودية التي قد تكون متناهية الدقة والصغر في الحجم لها دور نعلم بعضه (المرض) وقد لا نعلم معظمه ولعل أحد هذه الأدوار التي لا نعلمها هو الحفاظ على التوازن وإثبات منطق الوجود وحرية الاختيار بكافة تناقضات وأقصى حدود واختيارات هذا الوجود وفي كافة اتجاهاتها،ا

وأن التوازن والموضوعية من أهم مقومات نجاح آلية التكبير للرؤية عن كثب فمثلا إن كان هناك عيوب أو نقائص فيمن تقابلهم أو تتعلق بهم فإن عليك أن تتعرف على عيوبك أولا لأنك قد تفاجأ أن ما كشفه المجهر لك في غيرك قد لا يعدو كونه جزءا يسيرا من نقطة ضعف أو مقتل اجتماعي لديك.ك

غاضبون نحن إلى درجة أمسى فيها الغضب لوحة تحكم توجه انفعالاتنا لتصهرنا في حالة من الغضب والسخط وعدم الرضا، حالة تغذي نفسها بنفسها وتستهلك تركيزنا وطاقاتنا وتشتت تفكيرنا وتسخرنا عبيدا لها دون أن نعلم أو نعي ذلك لنبقى أسرى لهذه المشاعر السلبية؛ ومع الزمن وتراكم الخبرات، قد نطور ما يكفي من الوعي والنضج لتقدير كَمّ النعم التي أعمانا السخط المستمر عن رؤيتها وتقديرها سابقا حين بدّد هذا السخط طاقاتنا في التذمر مما لا نملك واستنزفها في السعي للحصول على ما لا نملك في أوقات كان فيها ما لا نملك شيئا لسنا بحاجته على الإطلاق! نتوقف ونتفكر مليا بحثا عن السبب الحقيقي الذي تسبب في رضوخنا لضغوطات هذه الحالة ونجد أنها قد تندرج ضمن أحد الأسباب التالية:

ضغط الأقران و توجيه التركيز على موضات عابرة (fads) يتبناها المجتمع على نحو متسارع تصبح معه أشبه بأنماط حياة مجتمعية شديدة الرواج يجد البعض نفسه فريسة لها أكثر من غيره نظرا لتباين مستويات التحمل والمقاومة والوعي بين الأفراد والميل الغالب عند البعض إلى التبعية أو عدم القدرة على قيادة الذات،ت

الجشع والرغبة في الانفراد بما لا يملكه البعض أو بما يملكه ثلة قليلة من المجتمع ربما بسبب الاعتقاد بتميز ورفعة شأن هذه الفئات المالكة عن باقي فئات المجتمع،ع

أو لأن هذه النعم أصبحت من المسلمات في حياتنا، فلا نشعر بقيمتها إلا عند فقدها!ا

حتى حين نطور هذا الوعي ونبدأ بالتفكير في وضعنا لعلاجه والتصالح مع أنفسنا بإيقاف حلقة الغضب المفرغة هذه نجد أنفسنا عاجزين عن إيجاد السبب الجذري الفعلي الواضح لهذا الغضب لدينا… نعم، غاضبون نحن ولكن لا ندري مم!

تذكر:ر

نحن نعطي قيمة لمن ولما لا قيمة له فلا تسئ تقدير حجم بعض الأمور والممتلكات والبشر…

حزينون نحن إلى درجة أصبح فيها الحزن رسام وجوهنا الذي يحيط تقاسيمها ويخط تجاعيدها كيفما يشاء، وحين قرّرنا أن نفرح ونبتهج قليلا تصادمنا مع أنفسنا حين لم نجد سببا واضحا ومحددا لهذا الحزن الذي عشش في نفوسنا وغرز جذوره عميقا في أنفسنا… أجل نحن حزينون و لكننا لا نعلم سببا واضحا لهذا الحزن!

تاهت عنا أنفسنا وتهنا عن أنفسنا وكلانا ضاع في رحلة البحث عن الآخر وضلت بوصلته ولم يهتد إلى حقيقة ذاته فما استيقظ إلا ومرساة سفينته ملقاة في منتصف بحر لا يعلم قراره ولا كينونته ولا يتذكر كيف وصل إليه… حقا تائهون نحن ولا نعلم ما هي وجهتنا!

نتذبذب بين غضب وحزن وتيه ولا نعلم السبب؛ أهو الوطن والشتات أم الحقائق الأكبر التائهة عنا والتي نحتاج معرفتها كي نهتدي إلى الحق فنتعافى مما ضللنا وأضللنا طريقنا؟ كيف لنا أن نهتدي إلى الحق؟ ماهو الطريق الذي يجب أن نسلكه كي نصل إلى الحقيقة؟ حتى الإعلام الذي يظن البعض أنه قد يقدم لهم الحقائق أمسى شبحا خفيا توغّل في حياتهم وغولا تغذى على تفاصيلها حين أسس قنوات ومؤسسات عمادها خبراتهم الشخصية وآلامهم الفردية وقوام عوائدها من أوقات وأقوات الناس البسطاء لينعم من في قمة أهرام هذه المؤسسات بقنواتها بتحقيق أرباح ومكاسب مادية وغير مادية من المال والشهرة وغيرهما في الوقت الذي يلتهم هذا الغول عامة الناس حين أصبح هو والأشخاص القائمين عليه محور اهتمامهم وحياتهم فلم تعد الحقائق ولا البحث عنها أو الوصول إليها في قائمة الأولويات… الإعلام ماكينة موجهة وحتى مع اختلاف مالكي الوسائل والقنوات الإعلامية فإن المحتوى الذي تقدمه لتبرمجنا لغويا وعصبيا يختلف باختلاف غايات المؤسسة الإعلامية المنتجة بقنواتها ومع ندرة الموضوعية وميل البشر إلى التحيز والذاتية فإن المؤسسات الموجهة للبحث عن الحقائق وتقديمها ستندر ليصبح الحل الوحيد أن يكون الإعلام فرديا حرا غير خاضع لرؤية أو توجهات مؤسسات تموله وتسوق له وتعدل المحتوى الذي يقدمه قبل أن تنشره… أما فيما يخص الإعلام الاجتماعي فحدث ولا حرج، إذ أصبح مستخدموها أساطيل من الأدوات الفعالة التي تحقق أهداف هذا الإعلام والإعلام الرسمي الذي غزاها أيضا بسرعة وكفاءة منقطعتي النظير حين استعمرتنا هذه الوسائل وأصبحت محور حياتنا بدلا من أن تكون أدوات لغايات فردية…

تذكر:

إذا كنت تريد أن تعلم حقا فلا تنتظر أن تعلم عن طريق الإعلام لأنه وسيلة لإعلامنا بما تريد أن تعلمنا به الجهات التي تملكه وتوجهه وليس بما نحتاج أو نريد أن نعلم…م

أن للحقيقة ثمن لا يمكن دائما حسابه وتقييمه بمقارنة المنافع والفوائد التي تجنى من معرفة هذه الحقائق مع التكلفة التي يتحملها الفرد للوصول إليها، فقد ترتقي بالفرد إلى نقطة فكرية أعلى تزرع جذورها بين النفس والروح وتترك صاحبها غير قادر على الجزم بأن تأثيرها كان أقوى في أحد المنطقتين دون الأخرى، ولو تخيلنا الحقيقة دالة في متغير التكاليف المرتبطة بالبحث عنها وكشفها لكان الناتج في بعض الأحيان أعظم من التكاليف المرتبطة في تأثير مشابه للتآزر ولكن على نحو أعقد إذ أن الحقيقة وما يترتب عليها ينعكس على المستوى النفسي والروحي والعقلي والفكري والعاطفي والانفعالي والجسدي والإنساني للأفراد بأبعاد لا يمكن مقارنتها بنتائج التآزر التي غالبا ما تكون مادية أسهل في القياس…س

انطلق فإن الحق والحقيقة وإحقاق الصواب يجب أن يكونوا الوجهة الأهم في حياتنا إن كنا ننوي زراعة الحق والفكر الصائب…

انطلق ولا تتخذ من أفراد تنقصهم مقومات الموضوعية والعلمية والأخلاق مثلا أعلى ولا حتى شخصا يعتد بنصيحته فالمعظم تربى على تحقيق منفعته الشخصية  وتقديمها على منفعة الجميع حين قادت الرأسمالية وغيرها من الاتجاهات الأنانية فكرنا…

انطلق وليكن على قمة قائمة أولوياتك أن تنير عقلك بالحق وتفرغه من أي فكر بائس حاولت أي وجهة زرعه في عقلك لتسخيرك لغاياتها الخاصة…

انطلق وقُدْ باتجاه الحقيقة واسأل الله الهداية واسع بدون كلل أو ملل فإن في هذه الدنيا من مسببات الإضلال والانحراف عن الحقيقة ما نعجز عن تقدير حجمه وتأثيره إلا بعد فوات الأوان…

كلمات للتوضيح:ح

العتبة – threshold

تآزر – synergy

ما بال العالم يجرّب ويسنّ ويشرّع ويتعلّم ويتألّم ويعاني ويطالب بالعلمانيّة ويهاجم ديناً سماويّاً بشرائع كاملة صمّمت لكل مكان وزمان مراعيةً للنفس البشرية التي ما زلنا ندرسها ونخضعها لتجارب ومسوحات وأبحاث علمية في محاولة مضنية للوصول لفهم أعمق لها؟!ن

ما بال العالم يستنزف أثمن موارده – الزمن – على رحلة السير في الاتّجاه المعاكس لنقطة البداية بحثاً عن أجوبة مغايرة تماماً لتلك التي قدمها الدين السماوي ليصل أثناء تبحّره في البحث في بعض العلوم أو فروعها، كالاقتصاد السلوكي على سبيل المثال، إلى إثبات ضرورة القيم لدى الفرد كنقطة ارتكاز ورادع ومنارة يهتدى بها في الطريق لصقل السلوك الإنساني لإنتاج سلوك قويم يتحلّى بالأخلاق والفضائل من أجل تقويم المجتمع والاقتصاد تباعاً والتخلّص من العواقب الوخيمة التي تنتج عن فوضوية مجتمع اللاقيم واللاأخلاق على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأهم منها جميعاً، الإنسانية!ن

ألم يبدأ الدين السماوي بتربية الفرد على القيم والأخلاق للتخلص من الشذوذ والانحرافات في السلوك والانحياز عن الشرع السماوي ولإنتاج شخصيات متحضّرة تتحلى بالأخلاق وتحمل القيم مشاعل تهتدي بها في ظلمة الدنيا وصراعات النفس مع الخير والشر؟!ن

ما بالنا يتنازعنا الهوى ونقسم أنّنا نتّبع العلم ونواكبه في حين أننا لو توقًفنا قليلاً وتابعنا العلم حقاً لعلمنا أن عمر الإنسان قد لا يعدو كونه جزءاً هامشياً من عمر تجربةٍ واحدةٍ صمّمت للوصول لنتيجة معيّنة أو بناء نموذج معيّن أو اكتشاف سبب ظاهرة ما وعلاجها أو التعرّف على الطرق الممكنة للتعامل معها، فيجد أحفادنا أنفسهم يتعاملون مع معطيات تستجد على نحو متسارع يحكم على اكتشافاتنا واكتشافات أسلافنا بالتقادم والنقص والمحدودية أو حتى العجز، وهي اكتشافات نتج عنها أحياناً في زمنها قوانين أو نظريات علمية. نعم إذا نظرنا لها كإنجازات من عمر الزمان كاملاً فإننا سنجد أنها مجرد خطوات متواضعة للتقدّم نحو اكتشاف الحقيقة ولكن لا يعلم أي منا متى سيتم الكشف عن الحقائق الكاملة أو من سيحظى بهذا الشرف العلمي أو حتى ماهي الحقيقة أصلاً إذ لا يوجد معيار قطعي للحكم على ما هو حقيقة مما يتم اكتشافه سوى حكم المكتشف الذاتي على ما تم التوصل إليه مثلاً بسبب الدلالة الإحصائية القوية للنتيجة والتي تعلّم أهميتها كدلالة من خلال تدريبه في مجال البحث العلمي. الأدهى والأمر من ذلك هو كيف وهل سيكون بإمكان المكتشف أن يحكم على الحقيقة المكتشفة بأنها الحقيقة المرجوة والتي تتّسم بالقطعية وإحاطة جميع جوانب المشكلة والإجابة عن السؤال المطروح ليتم إغلاق ملف البحث عنها انطلاقاً إلى نقطة جديدة في رحلة البحث العلمية هذه؟ن

البعض يتوه في رحلة بحثه عن الذات أو محاولة اللحاق بركب المجتمع الذي يحيط به ويفرض عليه قيوداً فكرية أو يحكم عليه من خلال امتثاله أو تحديه لهذه القيود التي رسمها المجتمع فيجد نفسه أسير حلقة مفرغة يدور حول نفسه فيها لأنه من المفروض عليه إما أن يتبنى/يتأقلم مع فكر المجتمع للتعايش والنجاة فيه، أو أن يتمرد على هذا الفكر ويرفضه جملةً أو تفصيلاً. في بعض الحالات يعتقد البعض أنه سيصبح في المقدّمة إذا تبنّى اتجاهاً فكرياً معيًناً في هذا المجتمع وحوّر سلوكه وفقاً لهذا الفكر ليصبح في طليعة المجتمع أو ممن لهم حظوة اجتماعية ولكنه في واقع الحال يجد نفسه نتاج وضحية مجتمعٍ دمّر مؤسّسات تمثل ركيزته الأساسية ابتداءً بمؤسسة الزواج مثلاً. لو نظرنا إلى مؤسسة الزواج لوجدنا أنها بدأت في التهاوي منذ سيطر على عقول الأفراد وهمان أولهما وهم المساواة (بدلاً من العدالة) بين الجنسين وثانيهما وهم الحب الذي استحوذ على عقولهم لدرجة أصبح فيها عقيدة اجتماعية تتلاعب بمؤسسة الزواج في الخفاء في حين أن كل ما يظهر في العلن هو صورة برّاقة لحب خارج إطار الزواج بين شاب وفتاة إما لاعتقاده/لاعتقادهما أن الحب قبل الزواج هو أساس اختيار الزوج المناسب و/أو أنه الدافع لاتخاذ قرار الزواج والاستقرار في هذه المؤسسة. لكن ماذا يحدث يا ترى حين تكلّل العلاقة بالفشل وتنتهي بالزواج من شخص آخر؟ تترك معظم هذه العلاقات بال المتزوج مشغولاً بالحب السابق، أو هائماً يشكو كسر القلب وشتات العقل والنفس والشعور والصراع مع الذات الذي يتعاظم مع مسؤوليته تجاه الزوج الذي ارتبط به، وفي أحسن الأحوال تترك هذه العلاقة الفرد أسير شوائب التجربة وما حملته من مشاعر وذكريات ومشاكل تعكّر صفو النفس… من هنا تتضح ضرورة أن يأتي الحب بعد الزواج أو أن تنمو المحبة ضمن إطار الزواج وأن تكون مودة ورحمة لا حباً بالفهوم الإعلامي المعاصر، ففي المودة والرحمة مشاعر أسمى مستدامة تبنى على أسس واقعية ومواقف واختبارات ضمن واقع العلاقة فيصبح التمثيل وتجميل الصورة أمراً صعباً للغاية مع وجود الشريكين في المكان ذاته وعلى أرض الواقع لا الخيال والأحلام، على عكس مفهوم الحب الذي رسمته وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كهبّة حسنة مفاجئة وقوية تجتاح الفرد. حذار من الهبّات المفاجئة، لأنها قد تنطفئ فجأة على نحو يشبه هبوبها المفاجئ!ن

هذه هي أقل النتائج التي ما كان الإنسان بنظره القاصر ليراها أو يقدرها بدون المحاولة والخطأ عند التصميم على التجريب في أعقد النظم التي تتشكّل من أعقد المكونات، النفس البشرية، في حين جاءت الشريعة السماوية بنظام الأسرة ومؤسسة الزواج الذي يحترم جميع الأطراف لمنع، أو على الأقل، لتقليل فرص حدوث علاقات كهذه لأدنى مستويات ممكنة، لا بل وإن النتيجة الأسوء التي قد يجد المجتمع نفسه مضطراً للتعامل معها ومع عواقبها الوخيمة وتكاليفها المتزايدة باضطراد تحدث حين ينحرف البعض ليسقط في وادٍ سحيقٍ من المعاصي متناسياً قوله جل وعلا في سورة الإسراء: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)”*. في الآية الكريمة نهي عن الزنا والاقتراب منه، ويكون عدم الاقتراب منه باجتناب مقدّماته أو ما يفضي إليه كي لا يكون حال الفرد كحال الراعي الذي يحوم حول الحمى فيوشك أن يقع فيه، فالزنا أسوء سبيل لـ:ن

تنشئة الأسر، فكم من الأبناء والبنات يعيشون حياةً مأساويةً لأنهم نتاج علاقةٍ غير شرعية يتحمّلون أوزارهان

تلبية الرغبات، فكم من الأمراض يتم تناقلها وكم من الآثام يتحمّلها الفرد بارتكاب معصيةٍ كهذهن

بناء المجتمع والعلاقات بين الرجال والنساء، وها نحن نتعامل في هذا الزمن مع مجتمعٍ اختلّ توازنه لأنه آثر التجريب والعلمنة**ن

جميع هذه النتائج محصّلة طبيعية لاتّباع الهوى المطلي بمسمّيات حديثة ومشرقة تعطي انطباعاً واهماً بالحضارة وتفضّل على اتّباع الشرع السماوي ليجد البشر أنفسهم على خط النهاية يتعاملون مع مجتمع حاول إعادة اختراع العجلة لأنه غير مقتنعٍ بأن الشكل الدائري لها هو الأفضل!ن

سجّل…ن

أن تدمير مؤسسة ومفهوم الزواج كان من أنجح الطرق لتدمير النسيج الاجتماعي وتفكيكه لا بل وتحلله حتى أصبح المجتمع مسخاً لا يمكنه التطور ولا المساهمة في التطور ولا حتى دفع عجلة التطور والتنمية لأنه في ذروة انشغاله في النزوات والرغبات والشهوات!ن

سجّل…ن

أن الأخلاق مفهوم فضفاض للغاية وأن تركه للبشر ولحكم البشر عليه وتفسيرهم له سيخلق منه مزيجاً مشوّهاً أو مسخاً أبعد ما يكون عن الموضوعية والصالح العام وأقرب ما يكون للذاتية والمصالح الفردية.ن

وأخيراً سجّل…ن

أن نقطة الانطلاق في بناء المجتمع وتربية وتنشئة الفرد في الشرع السماوي أمست النقطة التي انتهى إليها البحث في العديد من العلوم الاجتماعية والإنسانية بعد جهد جهيد؛ تخيلوا كم لبثنا نبحث عن الجواب الذي كان لدينا منذ البداية في شرع الله؟!ن

*هذه الآية من آيات الإعجاز الاجتماعين

**للأسف لم يعدُ كونه في المحصّلة أكثر من اندفاع متهوّر وانسياقاً وراء الهوى ولكن تحت مسمّيات حديثة تعطي انطباعاً واهماً بالحضارة والرقي والتطورن

يا من مرّ به طيف من حزن أو استحوذت عليه نوبة كآبة حتى أمسى أسير منافسة شعواء يسابق فيها السقوط الحر وتسارع الجاذبية ليصل قبل أي كائنٍ أو أي شيء إلى القاع؛ تمهّل وتأنّى في رحلة السقوط هذه وحاول إعمال فكرك لأنك قد ترتئي أن عليك أن تتوقّف قليلاً وتفكّر مليّاً، فطالما أنك لم تسمع صوت الارتطام بالقعر تأكد أنه لا تزال هناك مسافة للوصول إلى القعر، إن وجد أصلاً.د

تذكّر أيضاً أنك إن كنت تظن أنك ستحظى بالراحة والاستقرار إن وصلت إلى القاع لأنه البقعة التي لن يعود بإمكان أي كائنٍ أو أي شيء أن يفرض عليك أي أمر فيها أو أن يجبرك على الخروج من الكآبة عند استقرارك فيها، أو لأنك لن تكون مضطراً إلى تغيير الوضع الراهن الذي سيستقر على وتيرة واحدة في هذه البقعة كما لو أصبح دالة خطية في متغير الزمن أو لأن الهزّات ستختفي من حياتك إن استقررت في الأسفل فاعلم أن عليك أن تقوم بإعادة حساباتك.ك

ظاهريّاً، قد يبدو الهروب حلاً جذرياً لمشاكل جمّة، لكن تذكّر أن توقظ نفسك من وهم القعركلما مسّك طائفٌ في محطّةٍ من محطّات حياتك وتراءى لك الهروب كحل؛ فهذه الدنيا أشبه بنفق* منحدر يمكن تصوّره كما لو كان بئراً لا قاع له ويمكنك الاستدلال على ذلك بملاحظة أن من يهوي في هذا النفق، يجد نفسه يهوي إلى مستوى أدنى من المستوى السابق الذي تراءى له سابقاً وهو في حالته النفسية السيئة كالقاع الذي لا يليه قاع، ليكتشف لاحقاً أن ما حسبه قاعاً لم يعدُ كونه أكثر من المستوى الأدنى الذي نزل إليه بسبب توقّفه عن التمسّك بجدران النفق والصعود للأعلى بحثاً عن الضياء. على العكس من ذلك فإنه كلما تمسّك بالجدران وشحذ قوّته في التسلّق والاقتراب من النور، ارتفع عما حسبه قعراً واقترب أكثر من الضوء؛ فما كان أحلك من الدجى قبل الصعود أصبح به بصيص نور لما يرَهُ وهو في الأسفل وما كان لا يعدو أكثر من بصيص ضعيف كان يخاله مجرد سراب أمسى سيفاً من الضياء يشقّ العتم أشلاءً.ء

لإن صعدنا بهدف الوصول إلى النور سنؤمن حتماً أن القيعان والقعور ما كانت أكثر من أدنى نقطة انزلقنا إليها أثناء هبوطنا على منحنى حالتنا النفسية حين أعيانا التعب وأنهكتنا تفاصيل ومشاغل الحياة الدنيا.ا

قال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) سورة النور، وقال تعالى في سورة النجم: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَىٰ (47).)

إذا كان الله عز وجل، وهو نور السماوات والأرض، قد وعد يقيناً بإعادة إنشاء المخلوقات النشأة الأخيرة بعد موتها فكيف لهموم الدنيا ألا تتضاءل أمام وقفة تأملية لإبداع هذا الكون والوجود بكافة تفاصيلهما سواء المحسوسة والملموسة أوغير المحسوسة وغير الملموسة منها…ا

تنطوي خبراتنا بين القيعان والصعود للقمم والماهية التي نفكر فيها ونتفاعل بها خلال العملية كاملة وما  نمر به بعد القاع الأول وقبله على أبعاد لا يعلم كينونتها ولا حدودها ولا نهايتها سوى الله عز وجل الذي قال في محكم كتابه: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) سورة الإسراء”؛ وتتجلّى قمة الإعجاز والإبداع في أننا مهما حاولنا محاكاة هذه الأبعاد أو التنبؤ بها وتوقعها، سيستحيل تطابق الخبرة الحقيقية التي نمر بها خلال رحلتنا الواقعية في هذه الأبعاد مع الخبرة المحاكاة أو التي يتم التنبؤ بها بكافة حذافيرها مهما تطورت وتحسّنت نماذج المحاكاة والتنبؤ في العالم الافتراضي.ض

**لماذا نفق؟ لأن النفق يتوسط الطريق بين بوابتين كلاهما تفتح على عالم مختلف 🙂)

في الهوس قصصٌ عجيبة والمهووسون على درجاتٍ متفاوتةٍ من الهوس تصل بعضها إلى مرحلةٍ يسعى المهووس فيها بكل ما أوتي من قوةٍ وحنكةٍ إلى إقناع الشخص الذي يعتريه الهوس به، بل وإقناع المجتمع من حوله، أن المحال هو الحال وأن الواقع هو عكس واقع المهووس الذي يختبره ليل نهار ويغيظه عجزه عن تغييره…تغييره

على سبيل المثال نجد المهووس بقيادة شخصٍ صعب المراس يكون في الواقع هو المنقاد له يحاول أقصى جهده إما أن يقنع العالم أن هذا الشخص هو المنقاد فعليّاً له، أو أن يجعل هذا الشخص على الأقل تابعاً له حتى لو استلزم الأمر استخدام أساليب غير أخلاقية…أخلاقية

من الأمثلة الأخرى حالة الحب الذي يتحوّل إلى هوس التملك المرضي والرغبة العارمة في التدمير حين يكون الحب من طرفٍ واحد؛ ففي بعض الأحيان يحاول المهووس عكس الواقع والتأثير على  إدراك المهووس به والمجتمع من حوله لإيهامهم أن الشخص الذي أصابه الهوس به هو المهووس به فعليّاً وهو الذي يلاحقه ويسعى جاهداً للفت انتباهه وكسب محبته. بعض الحالات تتطرّف إلى مرحلةٍ يحاول فيها المهووس إخضاع إرادة المهووس به وما أكثر أساليب إخضاع الإرادة إذا تحرّر الإنسان من الأخلاق فلا يعود للشخص حدود ولا روادع عن الحرام! في الواقع لا تتعدّى هذه الحالة كونها حيلة نفسية يبرمج فيها المهووس المهووس به ومن حوله ليقنعهم أن الواقع الذي يتمنّاه في قرارة نفسه هو الواقع الفعلي، ومصير هذه الأساليب على الأغلب أن تكلّل بالفشل وأن تنكشف لتتجلّى الحقيقة كما ضياء الشمس؛ فما يفعله المهووس في هذه الحالة ليس سوى حيلةً نفسيةً يسلّي بها المهووس نفسه المريضة المهزومة حيناً ويضع بها نفسه في محور اهتمام المهووس به لفترةٍ زمنيةٍ تشبع غروره وترضي رغباته المريضة، حتى وإن كانت علاقتهما أشبه بالمجرم للأول والضحية للأخير…للأخير

إن التلاعب بالغير لن يخضع إرادة أحد ولن يجعل المحال حالاً ولا غير الواقع واقعاً، ولن يخضع الواقع لإرادة المهووس وخيالاته ولكنه فقط سيرسم للمهووس الواقع الذي يريد أن يراه وأن يريه للعالم من حوله وسيبقى المهووس على يقينٍ في قرارة ذاته أنه يتلاعب بالوقائع ويحاول رسم السيناريو الذي يتماشى مع هواه وأن ما يراه هو الواقع الذي رسمه وليس الواقع الحاصل في الواقع…الواقع

إن الهوى والخضوع والانقياد الذي يتماشى مع رغبة المهووس والذي يراه المهووس ليس سوى سراباً في صحراءٍ سيركض عمره بطوله وبأقصى سرعةٍ يمكنه تحقيقها محاولاً أن يبلغه ولن يبلغه لأنه لا يعدو كونه أكثر من وهم…وهم

ذلك الواقع الذي يبدّد المهووس عمره محاولاً تطويعه ليماثل خيالاته وأحلام يقظته سيبقى مهما حاول واقعاً غير واقع وسيواجه يوماً حقيقة أن ما طوّعه ليس أكثر من إسقاطات أمانيه على الواقع وأن حيله النفسية ردّت كيده في نحره تماماً كما ينقلب السحر على الساحر…الساحر

أما عن الحب فحدّث ولا حرج؛ إذ أمسينا في زمنٍ الحب فيه جريمة…جريمة

نعم نحن في زمنٍ الحب فيه جريمة خصوصاً حين ينطوي الحب على معركةٍ ضمنيةٍ بين الخير والشر وحين يتحدّى صمود هذا الحب الشر وحين يكون الشر عاشقاً للاستحواذ على الخير الذي مضى في حياته نحو خيرٍ آخر…آخر

نحن في زمنٍ الحب فيه جريمة في حين أنه ينبغي أن يكون الحب مقصد البشرية جمعاء إذا كانت فعلاً مدفوعةً بدوافعَ إنسانية…إنسانية

كم من قلوبٍ مُزّقت وكم من نفوسٍ ظلمت لأن هواها لم يأتِ على هوى من يعشقون التحكّم في مصيرها… كم من عيونٍ فارقها النوم مبدّدةً ليالٍ طوالاً من عمرها في صراعٍ كانت هي الضحية فيه حيناً والقربان أحياناً أخرى فقط لأنها اختارت الحب على الكره وحب الخير والقضايا الإنسانية على المقاصد الشيطانية رغم غزارة وثراء ما تحققه المقاصد الشيطانية من أهداف وكثيراً من الأحيان كان السبب الجذري الذي يقف وراء الأثمان الباهظة التي دفعتها النفوس المظلومة هو أنها لم تنضج قبل الأوان وتستوعب حقيقة الصراع الذي تعيشه ظنّاً منها أن الحياة بسيطة والنفوس طيبة وأن ما تراه من البعض هو ما يقصدونه في حين أن ما تراه كان تمثيلاً أو نفاقاً أو رياءً أو زيفاً أو أو أو…أو

نحن في زمنٍ الحب فيه جريمة وهذه ليست بنظرية مؤامرة بل هو واقعٌ يجب أن نعترف به لأن الحب يتعدّى الحب الرومانسي بين الذكر والأنثى والذي أعطته وسائل الإعلام حجماً مبالغاً فيه كي تتمكّن من بيع القصص والحكايا للشعوب المتعطشة لقضيّةٍ تتعاطف معها وكي تلهيهم وتصرف أنظارهم في الوقت ذاته عن القضايا الأكثر أهمية في حياتهم… هم يبيعون الوهم والشعوب تشتريه وتعيشه وتتعايش معه بل وتتعاطف معه إما ظنّاً منها أنها ستعيش هذا الوهم الجميل يوماً ما أو هرباً من واقعٍ أمسى التعايش مع آلامه الحل الأوحد عند استحالة تغييره…تغييره

أما عن الكتابة الصادرة عن شخصٍ مغرمٍ بها فعندما يكتب ستكون الكلمات أصدق وبالتالي موجعةً أكثر حين تصف معاناةً أو ألماً أو خبرةً سيئةً وستطوي بين طيّاتها ألماً أكبر وستعيد قراءتها الألم إلى الحياة كلما تردّد بها اللسان إما لأن العقل يربطها بخبرةٍ مماثلةٍ أو لأنها أحيت ذكرى تمّت أرشفتها في زوايا العقل الخلفية للتخلّص من السلبيات التي تحملها في طيّاتها…طيّاتها

 نتعجّب لم يتوقّف بعض الأشخاص المبدعين عن الكتابة ونكتشف أنهم توقّفوا عن الكتابة للبشر وامتهنوا الكتابة للحجر وعلى الحجر؛ فقد أمست الحجارة ألين من قلوب العديد من البشر إذ تحفر الكلمات التي تكتب على الحجارة آثاراً باديةً للعيان في وقتٍ ماتت فيه قلوب الكثير من البشر أو هجرتها المشاعر في ضوضاء الحياة وتسارع مشاغلها فباتت كبيوتٍ سكنتها أشباحٌ ما كانت أكثر من نسيج عقولٍ واهمة…واهمة

نحن في زمنٍ الحب فيه جريمة…جريمة

…نحن في زمنِ قلب الحقائق وتشويه الإدراك من خلال تلاعب المهووسين بها

نحن في زمنٍ أمست الكتابة فيه على الحجر أنجع وأقوى تأثيراً إذ تبعث صدىً مدوياً في أرجاء الكون في الوقت الذي صدّت آذان البشر عن الإصغاء…الإصغاء

نحن في زمنٍ الحب فيه جريمة، بل وجريمة أنكر من نكراء…نكراء

نحن في زمنٍ الحب فيه جريمة…جريمة

وأُسدِلَ السّتار على الفصل الأخير…الأخير

،حين تمسي الكلمات بلا قيمة ويمسي الصمت والتعبير عن الرأي وجهان للعملة ذاتها

،حين يكون الوجع أقسى من أن تصفه الكلمات والوطن أوسع من أن تصف حدوده الجغرافيا

  حين تبكي القلوب بصمتٍ على Read the rest of this entry »

يمضي وقت على الكلمات المؤلمة وتبقى آثار ندوبها في النفس بادية.

لا تجرح شخصاً حتى لو في لحظة غضب أوانفعال فإنك لا تدري لعلّ ندب كلماتك الجارحة تعود فتلاحقك وتخلق نوبةً من الندم لا يمكنك مداواتها ولا القفز خارجها إذ يكون قد فات الأوان.

قد يبقى ألم هذه الكلمات في نفس متلقيها زمناً ما دامت ندوبها موجودة ولكن تأثيرها عليه سيخف تدريجياً أما قاذف هذه الكلمات فهو من ستبقى هذه الكلمات تطارده وقد تستحوذ عليه خصوصاً إذا خسر بسببها شخصاً لم يقدره حق قدره إلا بعد خسارته.

يُظلَم الألماس وتُظلَم الأحجار الكريمة حين تقع بين يدي من ليس لديهم خبرة مسبَقة بها من حديثي العهد بالنعمة والمتسلّقين إلى طبقاتٍ اجتماعيّةٍ أعلى المدفوعين بتحقيق المكاسب بالطرق الأسرع المفتقرين إلى الرقي والأناقة المترسّخة عبر الزمن إلى أن تصبح جزءاً طبيعيّاً من شخصيّة الفرد لا يمكن التظاهر به وتقليده؛ فشتّان بين السلوك الراسخ المنبثق عن الفرد بعفويّةٍ متناهيةٍ و بين السلوك المُزيّف المُقلّد.

كذلك هم الأفراد المُميّزون أو المتفرّدون حقّاً بكينونةٍ مستقلّةٍ فكريّاً لا يجدون من يفهمهم فيمسون كالغرباء ويتعامل معهم المجتمع على أنهم مشاهدة دخيلة أو شاذّة عن منحنى التوزيع الطبيعي للمجتمع بسبب عدم قدرتهم على الاندماج مع القطيع.

عجيبةُ علاقتنا نحن البشر مع العمل والإنجاز؛ إذ تجدنا تنتاوب بين فئاتٍ مختلفةٍ منها من يحافظ على التوازن بين جميع العوامل في حياته، وبين من تصبح الحياة بمقاييسه الفردية وأهدافه الشخصية هوساً يسيطر عليه، ونلحظ بين هذه الفئات ما يلي:

–          من يعمل بجدٍّ واجتهادٍ ولا يتوانى عن التساؤل والبحث والتشكيك في الوضع الراهن، باحثاً عن الوضع الأفضل في كل مرّةٍ يرضي فيها طموحه ويحقّق وضعاً أفضل من الوضع السابق، حاملاً بين جنباته: طموحاً يفوق طموح أمةٍ بأكملها ودوافعَ يستطيع إشعالها كلما انخمدت، وزمام أمورٍ يملكها ويتحكّم فيها بحكمةٍ ومهارةٍ يبرَعُ في شحذهما مع الخبرة والمحاولة والخطأ…

–          من يحبُّ الحياة ويصبح جلٌّ اهتمامه كل ما يمتّعه بالسعادة حسب مفهومه الشخصي للسعادة إلى أن تصبح سعادته محور حياته فإما أن يتبنّى مبدأ “الغاية تبرّر الوسيلة” أو أن ينجرف إلى بحرٍ من التعاسة إما لأنه لم يحصل على مبتغاه ولم يستطِع آنفاً تحديث أهدافه أو التكيُّف والتطوّر لتحقيق هذه الأهداف، أو لأنه ليس لديه أهدافٌ خاصّةٌ به فيقارن نفسه بمن حوله على الدّوام فتمسي سعادته في كل مرةٍ غايةً صعبة المنال بسبب وجود من هو أسعد منه…

–          من يؤمن بالصُّدفة وينتظر تحقّقها متمنيّاً أن يحالفه الحظّ في مساعيه وأن تتحقّق أمانيه وأهدافه بأقلّ جهودٍ ممكنةٍ…

–          من ينتظر معجزةً تحلُّ له مشاكله وتحقّق أهدافه متناسياً أنّ المعجزة تكمن في وجوده وخلقه بأكمله…

–          من يعتقد أنّ الزمن قادر على تسوية الأمور وحل المشاكل، فيدعه يمضي ظنّاً منه بأنّ كل غدٍ آتٍ أفضل من يومه الآني، حتى يصل إلى نقطة النهاية في الحياة ويكتشف أنه بدّد مورداً يعدُّ من أثمن الموارد في حياة البشر وهو الوقت، فهو بعدٌ يصعب تفسيره ولا يمكن السيطرة عليه، فلا نستطيع عكس الوقت ولا السفر خلال الزمن سواءً تقديماً أو تأخيراً…

–          فئةٌ أعجب من كل الفئات السابقة تنتظرعصاً سحريّةً تتحكّمُ من خلالها بالعالم لتكيّفه حسب رغباتها، فإما أن يمضي الوقت وهي تنتظر هذه العصا السحرية موقنةً بأنّها الحل الوحيد للمشاكل والطريقة الوحيدة لتحقيق الأهداف، أو أن تشرع في رحلة البحث عنها إلى أن تجدها وتحقّق ماترنو إليه بصرف النظر عن العواقب الوخيمة والأثمان التي قد تضطرّ فئاتٌ أخرى لدفعها إما لتتنحّى عن طريق هذه الفئة أو لتمتثل مع رغباتها؛ وهذه فئةٌ كسولةٌ ضحلة الفكر تبحث عن أقصر الطرق بغضّ النظر عن رداءتها على كل الأصعدة، فهي إن نمّت عن شئٍ إنما تنمٌّ عن تدنّي مستوى أداء هذه الفئة وافتقارها إلى التفكير العلمي والسلوك المنطقي والفطريّ القويم.

قد تصل الأمم إلى حالٍ يندى له الجبين من الفساد المتفاقم، وحين يستيقظ بين الفينة والفينة جمعٌ يرفض الفساد يحاول إصلاح الوضع بمطالبة الهيئات بالإصلاح وتزداد صعوبة مهمةّ الإصلاح بسبب تجذّر الفساد في النفوس التي تكسّبت من هذا الفساد على مرّ الزمن.

دروس التاريخ وعبره تكشف أنّ الفساد ماكان ليتفشّى في أمّةٍ لو لم يكن فيها من يربت على كتف الفساد، يشجّع هذا الفساد، يروّجه، أو على الأقل يصمت عنه ليكون المجتمع بأكمله مسؤولاً عن هذا الفساد والتردّي في القيم أو اتّباع قيمٍ غريبةٍ عن المجتمع وحضارته.

في مجتمعٍ ذكوريٍ يعُدُّ الرجولة عامل النجاح والديمومة الأقوى والرئيس تكبر الأنثى وهي تتمنّى لو أنها وُلِدَت ذكراً، لكنها ومع الخذلان المستمر تتفاجأ عبر السنين أن الغالبيّة العظمى من الرجال ماهم أكثر من مثالٍ لخيبة الأمل في مجتمعهم! ينتهي بها المطاف حامدةً الله أنها وُلِدَت أنثى لأنّ آخر ما تتمنّاه أن تكون خيبة أملٍ لامرأةٍ علّقت الآمال على الرجال بحُكم عُرف وطبيعة ومسلّمات المجتمع الذي ترعرعت عليها.

الكون مبنيٌّ على التوازن والمجتمع المتوازن لا يحتوي على نقاط ضعف أو على الأقل يستطيع إخفاء نقاط الضعف فيه إن كانت مصلحة المجتمع هي مبتغى أفراده. أمّا إن كان المجتمع مؤلّفاً من أفرادٍ يدور العالم حول مصالحهم وراحتهم الشخصية (كنقطة الضعف الرئيسة فيه) فإن أحد النتائج الطبيعيّة أن يؤول به الحال إلى مجتمعٍ تحكمه عصبةٌ من النساء غير المؤهّلة التي تطالب بحريّاتٍ تسلخ عنها أيّ حياءٍ بوصفه معوّقاً لتقدّمها، فينتهي بها المطاف فاقدةً لجوهرٍ ما كان ليبقى لوجهها ماءٌ من دونه.

يقع الناس من الدين في إحدى المجموعات الآتية:

أفرادٌ يفسّرون الدين بما يتماشى مع مصالحهم الشخصية ويجتهدون في إقناع من حولهم بأنّ هذه التفسيرات والتأويلات مبينّة على فتاوى موجودة فعليّاً فينتهي بهم الحال أن يكونوا ضالّين في ذواتهم ومُضلّين لمن حولهم…

أفرادٌ يتبعون الدين نفاقاً لمجتمعٍ لا يمكنهم الانتماء له إلا إذا تظاهروا بالامتثال له فينخدع بظاهرهم العديد من المحيطين بهم وتكون ثُلّة المنافقين هذه فتنةٌ لهم إلى أن تنكشف حقيقة هؤلاء الأفراد لهم…

أفرادٌ يتبنّون الدين ليؤمّن لهم غطاءً خلف صورةٍ اجتماعيةٍ تتحلّى بالأخلاق والفضائل التي تدرؤ عنها أي شبهاتٍ عنهم فيتمكّنوا من الانتفاع من هذه الصورة الاجتماعيّة واستغلال المجتمع المحيط بهم بطرقٍ غير مشروعة وعلى الأغلب ضمنيّة…

أفرادٌ يجمعون خصال المجموعات الثلاث السابقة لينتجوا مسوخاً معدومي الفكر والشخصيّة…

أفرادٌ يجاهدون أنفسهم لاتباع الدين حقّاً وعدم الافتتان بأيٍّ من المجموعات آنفة الذكر واتّقاء شرّ ومكائد المجموعة اللاحقة…

أفرادٌ مدسوسون على المجموعة الأخيرة لمراقبتها وفتنتها وإضلالها وتشويه صورتها…

أفرادٌ يتمرّدون على الدين محاولين التميّز من خلال إظهار أنهم يبحثون عن حقيقةٍ أكثر منطقيّةً فينخرطوا في عالم الكفر ظنّاً منهم أنّهم بذلك لا ينتمون إلى طائفةٍ دينيةٍ متناسينَ أنّ انعدام القيمة يعدّ قيمةٌ في حدّ ذاته.

هل تُعَدُّ خيانةً؟ أم هي غش وكذب وخداع؟

هم يعلمون ويخفون ظنّاً بأن من حولهم ليس لديهم أدنى فكرة!

أهي ثقةٌ عمياء في ذكائهم، أم سوء تقديرٍ لذكاء من حولهم؟

في كل الأحوال، نعلم يقيناً في قرارة أنفسنا أنه شعورُ مرير، وما يزيد ويعمّق من مرارته هو تكرره على مدى السنين؛ لنجد أنفسنا في نهاية المطاف مع خيبات أملٍ أعتى وأقسى من سابقاتها.

البعض لديه حاسّة سادسة فيرى الأحداث قبل حدوثها في مخيلته على شكل رؤىً ، والبعض يتوقع الأحداث بسبب حضور البديهة والفراسة والقدرة على قراءة ما بين السطور وربط الأحداث ببعضها.

قد نتوقع الحدث ونشعر بتفاصيله حتى أدقها في رؤى مصورةٍ ومفصّلةٍ في مخيلتنا في بعض الأحيان؛ لكن أن نواجه وقوع الحدث بالتفاصيل التي رأيناها فهذا أمرٌ آخر لايجنّبنا خيبة الأمل إطلاقاً.

مع كل خبرةٍ يحدونا الأمل بالمرور بأحداثٍ وأناسٍ أفضل مما ترسمه مخيلتنا التي تتأثر لاشعورياً بالخبرات السابقة بحسنها وسيئها، و قد نجد أنفسنا بعد بضع سنين كمن بنى قلعةً من الرمل على شاطئ البحر ولم يُبقِ لها الموج أثراً.

إيماني بالله، هو ما يعطيني الأمل دوماً بأنّ هناك فجرٌ جديد في انتظارنا رَغِمَ قوة الموج وقساوة الماضي وعدم اكتراث الأشخاص الذين قد لايتعدّوا في بعض الأحيان كونهم أكثر من مصدرٍ للأذى والألم في حياتنا.

فلله الحمد كما لم يتّخِذ ولداً ولم يَكُن له شريكُ في المُلكِ ولم يَكُن له وليٌّ من الذلّ…

قال تعالي: “وقل الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكُن له شريكٌ في المُلكِ ولم يكن له وليٌّ من الذل وكبّرهُ تكبيراً” آية 111 سورة الإسراء

History

Blogging since 2006

Enter your email address to follow this blog and receive notifications of new posts by email.

Archives

April 2024
S M T W T F S
 123456
78910111213
14151617181920
21222324252627
282930  

Categories

MemoRia

By Ayyash

The Observer

A Mirror but of a unique kind. I also have a story to tell; indeed, I will forever have a story to tell...

zaidmanasra

Just another WordPress.com site

SemaSays

From a Critical Point of View

hamede.com

If everything seems to be going well you have obviously overlooked something